فلاشات رمضانية (17)

 

حسن الوريث 

.. أطفال الشوارع مستقبل وطن في مهب الريح ..

كنت احكي لصديقتنا العصفورة وصديقنا الصغير عبد الله وأخوته أمة الله وعلي وفاطمة ما شاهدته اليوم وانا في طريقي من جولة الساعة إلى التحرير حيث كان معنا في الباص طفلتان الأولى عمرها لم يتجاوز خمس سنوات والثانية عمرها حوالي ثمان سنوات ولاحظت أن في ايديهما عيدان الأسنان من تلك التي يبيعها الأطفال كطريقة من طرق التسول وكانت الطفلة الصغيرة متعبة ويغلبها النعاس بينما أختها تحاول أن تلاعبها حتى لاتنام وقبل أن نصل إلى ميدان التحرير سألتنا البنت الأكبر عن شارع التحرير لأنها تريد أن تنزل مع أختها هناك ما أثار فضولي الصحفي فسالتها ما الذي تعمله هناك؟ قالت انها تبيع الأعواد ومن ثم تعودان إلى البيت في الحصبة بما جمعتاه من أموال  وقد قال لي أحد الركاب أن أحد الأشخاص جاء وهما معه ودفع مائة ريال وطلب من صاحب الباص ايصالهن إلى التحرير وغادر .

قالت صديقتنا العصفورة لاتستغرب فهذه القصة تتكرر بشكل مستمر حيث ينتشر اطفال الشوارع بشكل مخيف ومزعج وانا أشاهد المئات بل الآلاف منهم في كافة الجولات والأماكن والأسواق وبمختلف الأعمار من سن الثالثة إلى سن الثامنة عشر البعض منهم يتسول بشكل مباشر والبعض منهم يبيع مناديل ورقية أو أعواد الأسنان أو أي شيء والبعض يحترف السرقة في الشوارع والمساجد والجولات المرورية والبعض يستعطف الناس بفواتير علاج والبعض بأوراق فيها عبارات تطلب التبرع لكن الغرض في الاخير هو التسول وأيضا تتنوع الأساليب بنات في مقتبل العمر يتجولن في المطاعم والمقاهي والأسواق ويتسولن باساليب مؤلمة وبالتأكيد أن ذلك يعرضهن لشتى أنواع الاستغلال والمضايقات وأطفال يقومون بنفس العمل وهذا أيضا يعرضهم للاستغلال وكم من جرائم حصلت كان ضحيتها اطفال الشوارع من البنات والأولاد. 

قلت لصديقتنا العصفورة طبعا هذا الأمر ليس وليد اللحظة لكنه ازداد وتوسع بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة للناس جراء العدوان والحصار وقطع الرواتب وهذه الظاهرة تشكل لوحة مخزية ومزعجة ومؤلمة فبالتأكيد أن ما يحز في النفس هو مشاهدة هؤلاء الأطفال خارج المنازل والمدارس وخارج نطاق الرعاية الحقيقية لأسرهم وللدولة في نفس الوقت .

قالت صديقتنا العصفورة وصديقنا الصغير عبد الله وأخوته أمة الله وعلي وفاطمة وانا. . مما لاشك فيه أننا جميعاً سواء في وسائل الإعلام أو الأجهزة المعنية بدء من وزارة الداخلية مروراً بوزارة الشئون الاجتماعية وصولاً إلى منظمات المجتمع المدني نشاهد الفيل الكبير في شوارعنا لكننا نتغافل عنه ونبعد أنظارنا إلى الناحية الأخرى وكأن الأمر لا يعنيناً إطلاقاً باستئناء بعض المحاولات الخجولة من عدد ضئيل من المنظمات التي ربما لا يهمها من الأمر سوى تقديم مشاريع لمنظمات دولية لتستفيد فقط لأننا لم نجد أي مفعول لبعض تلك المشاريع والبرامج التي تنفذها تلك المنظمات على الأرض وفي الواقع الميداني لكن الأمر الأهم هو الدور الحكومي الغائب تماماً عن هذا الأمر وهذه الظاهرة بل أننا نستغرب من أن الأمر صار طبيعياً لدى الحكومة وأجهزتها المعنية بالموضوع .

قالت صديقتنا العصفورة وصديقنا الصغير عبد الله وأخوته أمة الله وعلي وفاطمة وانا. . في ختام حلقتنا السابعة عشر نتمنى دراسة هذه الظاهرة بشكل حقيقي عبر كافة الأجهزة المعنية سواء الحكومية أو منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ووضع المعالجات اللازمة لها وأن يتم التّعاملُ مع أطفال الشّوارع بطُرقٍ وأساليب خاصّة والعمل على توفير نظامٍ اجتماعيٍّ يهتمّ بتفعيل آليّةٍ لرصد أطفال الشّوارع المُعرَّضين للخطر وإنشاء مؤسَّسات اجتماعيّة تهتمّ بالتّدخل المُبكّر لحماية الأطفال وأُسَرهم من أنواع العنف والاستغلال المختلفة وكذا التّدخل لحماية الأطفال ضحايا الأُسَر المُفكَّكة، والأطفال العاملين في بيئات ضارّة وغير آمِنة، ومنذ سنّ مُبكّر وكذا تطوير برامج مكافحة الفقر وتأهيل أطفال الشّوارع نفسيّاً ومهنيّاً وكما نتمنى ان يتم تفعيل دور الإعلام بوسائله المختلفة والإرشاد والتوجيه لزيادة وعي المجتمع وتحريك الرّأي العامّ حول هذه الظّاهرة وأهميّة مُكافحَتها لأن إهمالنا لهذه الفئة سيتركهم فريسة سهلة للعصابات الإجرامية والمنظمات الإرهابية وهذا بدوره يؤثر على مستقبل الوطن وفي نهاية الأمر كانت هذه مشاهداتنا وأمنياتنا التي نأمل ان تجد أذانا صاغية وعقولاً واعية .. فهل وصلت رسالتنا ام ان الوضع سيبقى ويستمر كما هو ونساهم بتغافلنا وهروبنا من معالجة الوضع في ضياع مستقبل بلدنا وتحويل شبابه إلى عصابات إجرامية وإرهابية والأمر بين يدي من يهمه الأمر ؟.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مشاركة مميزة للشركة اليمنية لصناعة الطلاء ومشتقاته المحدودة في معرض عدن للاعمار والبناء

رياض ومدارس جيل النصر النموذجية بالحديدة تحتفل بالذكرى السنوية للشhيد للعام

مطاعم الوادي تخفيضات كبرى وعروض مميزة